The Only Way
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عزيزى المسلم: فكر قليلا

اذهب الى الأسفل

عزيزى المسلم: فكر قليلا Empty عزيزى المسلم: فكر قليلا

مُساهمة من طرف Dorian الأربعاء أغسطس 05, 2009 9:47 am

طرح عليّ أحد الأصدقاء سؤالاً فتح باباً لطيفاً للحوار، قال: لاحظت أن توراة اليهود و إنجيل المسيحيين يشكلان لديكم كتاباً واحداً تسمونه الكتاب المقدس .


فقلت: إن قصة الله مع الإنسان قصة أعلنها الوحي ابتداءً من خلق آدم عبر التاريخ كله مروراً بأعداد من الأنبياء الذين ظهروا قبل الميلاد و تنبأوا عن المسيح ، ثم جاء المسيح وانطبقت عليه نبوات من سبقه من الأنبياء فأنت كما تلاحظ القصة واحدة ، سواء في التوراة أو في الإنجيل، ولأن القصة واحدة فأنت تجد أن فصولها منسجمة بعضها مع بعض لأن المصدر واحد والمؤلف واحد وهو الله ، فلو اختلف المصدر لاختلفت لهجة التوراة عن لهجة الإنجيل ، لكن الانسجام بين كلام الله في التوراة وكلام الله في الإنجيل يدل على أن المصدر واحد رغم أن ما بين توراة موسى و إنجيل المسيح قرابة ألفي عام ،ومع ذلك تشابكت والتحمت فصول الرواية ما بين التوراة و الإنجيل التحاماً شكّل منها جسماً واحداً هو الكتاب المقدس.



هنا قال صديقي: ما أعرفه من التاريخ أن اليهود قاوموا المسيحية منذ نشأتها فكيف يحصل الانسجام والتوافق بينكما حتى التحمت توراتهم بإنجيلكم في كتاب واحد هو الكتاب المقدس؟



فأجبته: صحيح أن المسيحيين واليهود على خلاف ديني كبير ولكن لا خلاف بين التوراة و الإنجيل لأن مصدر التوراة والإنجيل مصدر واحد كما أسلفت وهو الله واهب الوحي ، الله لا يمكن أن يناقض نفسه. أما الخلاف بيننا كمسيحيين وبين اليهود فهو خلاف في عقلية الناس وليس في أصول الوحي ، وأساس الخلاف يتعلق بموقف اليهود من المسيح فهم ينكرون أن المسيح الذي جاء قبل ألفي عام هو المسيح الذي ينتظرون ، ذلك كان بداية الانحراف عن الحق فبالرغم من أن نبوات توراتهم التي سبقت وأنبأت بولادته من عذراء ، ومكان ولادته ببيت لحم ، ونطقت باسمه الصريح ورسمت فحوى رسالته وأشارت إلى عظمة معجزاته، ولما جاء المسيح تم فيه كل ما
تنبأت عنه التوراة . ولكن اليهود أنكروه ورفضوه فالخلاف خلافٌ في عقلية اليهود وليس في توراتهم. أما نحن كمسيحيين فخلافنا الديني مع اليهود لم يدفعنا إلى تكفير توراتهم والتنكّر لكتابهم ولم يؤدي بنا إلى اتهام توراتهم بالتزوير أو التحريف كما يفعل البعض اليوم فنحن لو وقعنا بهذا الخطأ، ولدخلنا مع الغير في حلقة مفرغة من الجدال العقيم . نحن نؤمن بربٍ قادرٍ يحمي وحيه من العبث .

قال صديقي: ما أعرفه أن فريقاً من اليهود آمنوا بالمسيح واتبعوه أما الفريق الآخر وهم الأغلبية فرفضوه و باعتقادي أن خلافهم مع المسيح كان لأنه لم يسعفهم للتحرر من حكم الرومان آنذاك، فهم توقعوا مسيحاً سياسياً يحارب الرومان ويطردهم من بلادهم أما أن ينكروه أنه المسيح المنتظر فهذا ما أستغربه ، لأن توراتهم تحثّهم على الإيمان به .



فقلت لصديقي: ما تفضلت به صحيح فإن من اليهود من قبلوا المسيح وآمنوا به واتبعوه وهؤلاء انسلخوا عن الجسم اليهودي مع الوقت بحكم التزاوج مع الشعوب المسيحية الأخرى ، أما الذين رفضوا المسيح فهم الغالبية والسبب في ذلك هو فتوى رجال دينهم الذين أعلنوا رفضهم للمسيح ، أما الشعب فكان في حيرة من أمرهم لأن الكثيرين منهم رأوا المسيح واستمعوا لخطبه وتأثروا بتعاليمه وشاهدوا معجزاته ولمسوا حبه وحنانه، وتأثروا بما رأوه وسمعوه منه ولكن لأن فتوى قادتهم الدينيين قالت: لا … هذا ليس المسيح الذي ننتظر. فقال الشعب وراءهم: آمــين كما قلتم نقول وبما أفتيتم نعمل، لذلك فالمثل الشرقي يقول :
الشعوب على دين ملوكها . أي ما يقوله رئيس القوم يقول الشعب وراءه آمين . أما من تجرأ واتخذ قراره وأعلن إيمانه بالمسيح فهؤلاء تحملوا مسئولية قرارهم ، اضطُهدوا وعُذِّبوا ونُهبوا وبعضهم قُتل وآخرون حُرموا من ميراث أهلهم ،وطُردوا وشُرِّدوا لكنهم تقبّلوا ذلك واعتبروه فخراً وامتيازاً بأن يهانوا لأجل المسيح ، وما غنموه من المسيح أعظم بكثير من كل متاع الدنيا .



هنا استأذنني صديقي وقال: طالما أن التوراة كانت واضحة في نبواتها عن المسيح قبل ميلاده فحددت ميلاده من عذراء ومكان ميلاده في بيت لحم وغير ذلك من إشارات انطبقت على المسيح فكيف تتنكَّر الغالبية منهم للمسيح والصورة أمامهم واضحة !؟.

فقلت : هذا السؤال يُدخلنا في حديث يحتاج إلى ساعات طوال من البحث والنقاش، لكن دعني أقولها باختصار : اليهود الذين نتحدث عنهم في زمن المسيح أناس شرقيين في عاداتهم وتقاليدهم الاجتماعية ، والشرقيين عادة قلَّ من يتخذ قراره الحاسم بخصوص قضية مصيرية كهذه منفرداً، وحتى في عصرنا الحاضر قليلون من يتخذون القرار المستقل بحرية دون الارتباط برأي الآخرين من حولهم ، قلّما ينفرد الشرقي بالقرار المستقل الذي يخص حياته ومصيره . فالشرقي دائماً تابع لغيره حتى في أموره السياسية والاجتماعية لا يخرج عن رأي الجماعة ، حتى لو اقتنع بخطأِه (وأنا لا أعمّم هنا)، لكن الحقيقة أن هذه ظاهرة واضحة في حياتنا كشرقيين نمارسها في سلوكنا وتصرفاتنا فالقليلون مِنَّا من خطُّوا لأنفسهم خطاً مستقلاً عن رأي الغير، فالشرقي غالباً تابع لجماعة ما ولا ينفرد بقراره بحريته أو استقلال رأيه بل يربط مصيره بمصير الغير.

قال صديقي : لكن رأي الآخرين وتوجيهاتهم تنفع أحياناً فقلت : هذا حق ولكن عندما يكون الأمر متعلقاً بمصيري الأبدي فالمسئولية هناك مسئولية فردية ، لأن كل إنسان فرد سيقف أمام الديان ليؤدي حسابه عن ذنبه منفرداً ، فلا أحد يتحمل مسئولية غيره في يوم الدين.

قال صديقي: أعتقد أن ما ذكرته هو حق والأمثال تجسِّد صورة ما ذكرت، فقد قيل "الشعوب على دين ملوكها " بمعنى أن ما يقوله كبير القوم تتبناه العامة، سواء حق أو غير حق .

والآن أنت قارئي الكريم .. هل أنت مستقل في رأيك ؟.. وهل ما تعتقد به هو بدافع القناعة الشخصية لك أم أنك مجرد تابع لمبدأ أو رأي أو عقيدةٍ ما من حولك ، وأنت معهم دون تفحصٍ أو درايةٍ أَهُمْ على صواب أم على خطأ، وبالمناسبة هل خرجت عن نطاق ما تؤمن به في محيطك واطّلعت على الرأي الآخر.. على رأيٍ آخر يختلف عن ما نشأت عليه في صغرك وفتشت وتفحصت لعل عند الغير من رأي سديد فيه الحق، ولكي أقرب لك الصورة أكثر هل قرأت الكتاب المقدس؟.. هل اطّلعت على إنجيل المسيح؟.. بكلمة أخرى هل اطّلعت على المعتقد المسيحي من مصدر علمي صحيح أم جمعت المعلومة من كلماتٍ وأفكارٍ تقال هكذا في السوق كالأقاويل الشعبية التي لا تستند على حقائق ، فالبعض من غير المسيحيين يأخذ المعلومة عن المسيحية من غير المسيحيين فتصبح لديه معلومات مؤكدة مقتنعٌ بها بينما الحقيقة هي غير ذلك.
Dorian
Dorian
نجمة ذهبية
نجمة ذهبية

عدد المساهمات : 210
تاريخ التسجيل : 27/07/2009
العمر : 19

https://the-only-way.alafdal.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى